الجمعة، 28 أكتوبر 2011

سكر الحمل بين الكاذب والطارئ واحتمالات أخرى

قد تفاجأ المرأة الحامل وطبيبها عند إجراء التحاليل والاختبارات الأولية التى تجريها مع بداية الحمل لضمان سلامتها ومتابعة تطورات نمو الجنين بارتفاع نسبة السكر فى الدم الأمر الذى يربكها اعتقادا بأنها مريضة سكر بالفعل وأن الصدفة قادتها لأن تعلم. هذا احتمال وارد فى نسبة ضئيلة نظرا لأن أعراض مرض السكر غالبا ما تعلن عن نفسها أما الاحتمال الأقوى فهو ارتفاع نسبة السكر فى الدم كأحد تبعات الحمل الأمر الذى ينتهى بنهايته ويعرف بسكر الحمل. فهل تقف القصة عند هذا الحد أم أنها نهاية مفتوحة وراءها احتمالات تعلن عن خطر قادم؟
يعرف سكر الحمل بأنه أى درجة من عدم القدرة على تحمل الجلوكوز تظهر للمرة الأولى مع الحمل. تقاس القدرة على تحمل الجلوكوز فى المعمل بداية بسحب عينة من دم السيدة الحامل بعد صيام ثمانية ساعات لا تتناول فيها إلا الماء. النتيجة تعد مقياسا لنسبة السكر فى الدم ويطلق عليها تعبير سكر صائم.

تتناول السيدة بعد سحب العينة منها قدرا من محلول سكرى (كوب ماء مذابا فيه 75 جم من السكر الجلوكوز) ثم تسحب منها عينة أخرى من الدم بعد ساعتين. فى بعض المعامل تسحب منها عينة كل ساعة ولمدة ثلاث ساعات.
اختبار القدرة على تحمل الجلوكوز بالفم إلى جانب نسبة السكر صائم مع تسجيل نسبة السكر بصورة عارضة أكثر من مرة فى نهاريين مختلفين هى أهم المعلومات فى ملف سكر الحمل الذى يجب قراءة تطوراته خلال فترة الحمل وما بعدها وهى أيضا حجر الزاوية فى وسيلة العلاج التى يتم اختيارها إما بالاكتفاء بحمية غذائية أو الحق بالأنسولين.

 سكر الحمل.. لماذا؟
يعد الحمل عبأ على الدورة الدموية للسيدة الحامل تواجهه بما يحتاجه من طاقة وحدة بنائها السكر «الجلوكوز».
احتياج الحامل لمزيد من الطاقة يتبعه ضرورة إفراز قدر أكبر من الإنسولين قد يتعدى ثلاثة أضعاف ما يفرزه البنكرياس فى الأحوال الطبيعية العادية. تحفيز البنكرياس على إفراز الأنسولين لا يخضع لحاجة الأنسجة له فقط إنما أيضا لتأثير الهرمونات التى تفرزها المشيمة والتى تزيد مع تقدم الحمل.
الأنسولين هو مفتاح الخلايا الذى يتيح دخول الجلوكوز من الدم إليها فى الأنسجة المختلفة (العضلات، الكبد، خلايا الأنسجة الدهنية على سبيل المثال) فإذا لم يتوافر الأنسولين ظل الجلوكوز يدور فى الدم متراكما الأمر الذى يرفع تركيزه فيه. خلال الحمل تظهر الخلايا أيضا قدرا من المقاومة للأنسولين الأمر الذى يبدو كتلك المعادلة التى يعانيها مريض السكر من النوع الثانى.
قدر أقل من الأنسولين (حاجة الجسم فى الحمل أكثر دائما حتى مع إفراز قدر أكبر من الأنسولين فالأمر نسبى) ومقاومة الخلايا له.
لذا يظهر سكر الحمل بصورة تستوجب المتابعة المستمرة مع رصد قياساته فى أوقات مختلفة خاصة إذا استوجب الأمر العلاج بالأنسولين إذ لا تستعمل الأقراص حرصا على وظائف كبد الأم الحامل وسلامة جنينها.
هل يستمر السكر بعد الحمل؟
سؤال يحتاج إلى ستة أسابيع من الوقت بعد الحمل مع استمرار المتابعة اليقظة فقد ينتهى الأمر تماما وتستقر معدلات السكر فى الدم عند الحدود الطبيعية لكن هذا يجب ألا ينهى الملف الذى يجب أن يظل مفتوحا لمراجعته بين الحين والآخر.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن سكر الحمل تجربة قابلة للتكرار مع أى حمل قادم إلى جانب أنه قد يكون مؤشرا خطرا يمهد لظهور صورة كاملة لمرض السكر بعد فترة من الوقت تتراوح بين خمسة وعشر سنوات.
ستة أسابيع بعد الولادة تتيح للطبيب أن يتبين حقيقة الأمر فيضع تصنيفا دقيقا لمرضه وما يتستبع ذلك من برنامج لللمتابعة والرعاية فهى إما طبيعية تماما أو تعانى من خلل ما فى القدرة على تحمل الجلوكوز أو هى فى مرحلة ما قبل السكر أو هى بالفعل مريضة سكر.
تشخيص سكر الحمل
لا يعتمد تشخيص سكر الحمل على ظهور أعراض كمرض السكر المعروف إنما يعتمد بصورة أكبر على تحاليل الدم المعملية.
● عينة عارضة: عينة من الدم تؤخذ فى أى وقت من النهار دون الارتباط بموعد أو طعام. النتيجة قد تتجاوز 200 ملجرام/ ديسى لتر فى حالة سكر الحمل.
● عند سكر صائم: عينة الدم بعد صيام ثمانية ساعات تتجاوز 126 مليجرام/ ديسى لتر.
● اختبار القدرة على تحمل الجلوكوز بالفم.
من الطبيعى أن تكون نسبة الجلوكوز فى الدم لدى الحامل أقل من نسبتها لدى غير الحامل لذا فارتفاعها ولو بنسبة ضئيلة يحسب لصالح تشخيص سكر الحمل.

إذا أجرى التحليل لقياس السكر مرات ثلاث يمكن مقارنة النتائج بما يلى:



● جلوكوز صائم 95 مليجرام/ ديسى لتر



● الساعة الأولى 180 مجم/ ديسى لتر



● الساعة الثانية 155 مجم/ ديسى لتر



● الساعة الثالثة 140 مجم/ ديسى لتر





ملاحظات غذائية مهمة



يجب ألا يزيد وزنه الحامل خاصة المصابة لسكر الحمل على الحدود الطبيعة للزيادة التى تحدث بتقدم الحمل الأمر الذى يستوجب ضرورة تسجيل وزنها بصورة مستمرة مع القراءة الجيد لبعض الملاحظات الغذائية.



● غذاء متوازن أقل فى المواد النشوية والسكريات مع تمرينات رياضية تتناسب وتطور الحمل يحميك من زيادة غير مرغوب فيها فى الوزن يحمى جنبيك أيضا من زيادة فى الوزن معها تتعقد الأمور وتستدعى التدخل فى موعد وطريقة الولادة.



● الكروم والمنجنيز والزنك ثلاثة معادن مهمة يمكن أن تضاف إلى ما تتناولينه من فيتامينات أثناء الحمل لكن يجب عدم الإقدام على ذلك إلا فى حالة نقصهم.



● الكروم يحفز البنكرياس على إفراز المزيد من الأنسولين بصورة طبيعية.



● المنجنيز يفرز بصورة تلقائية فى البول مع الحمل الأمر الذى يتسبب فى نقصانه من الأنسجة ويعتمد على الأنسولين فدخول الخلايا فإذا نقص الأنسولين نقصت معه نسبة المنجنيز فى الخلايا.



● الزنك من العوامل المهمة فى عملية التمثيل الغذائى للجلوكوز.



● إحساس الحامل بالغثيان يجب ألا تمنعها إطلاقا من محاولة التحايل لتناول الطعام بصورة مستمرة. لها أن تتذكر أنها الصلة الوحيدة للجنين بالعالم الخارجى وأن توقفها عن الطعام قد يعنى تجويفه فى آن يحتاج فيه إلى الطعام.



● على الحامل أن تأكل مرة كل ثلاث أو أربع ساعات لتمد جنينها بالطاقة بصورة مستمرة تؤمن حاجته منها.



● يجب الاحتفاظ لديك دائما بجهاز لقياس السكر فى الدم وشرائط تحليل البول بحثا عن السكر أو الأجسام الكيتونية تحليل البول يجرى فى الصباح لمعرفة كيف سادت الأمور خلال فترة الليل.



● قياس نسبة السكر بعد الأكل بساعة ثم ساعتين فثلاث يعطى صورة واضحة عن نشاط البنكرياس ورد فعله فى مواجهة الطعام. إذا انخفضت نسبة السكر بصورة ملحوظة بعد تناول الطعام فغالبا ما تعانى الحامل من ردة فعل بنقص السكر تستوجب مراجعة العلاج مع الطبيب.





سكر الحمل الكاذب والطارئ



قد تسجل التحاليل المعملية للحامل ارتفاعا فى مستوى الجلوكوز لكن ذلك قد لا يعنى أنها مصابة بسكر الحمل. وجود السكر فى البول فى أحوال مرضية ونفسية عديدة لا يعنى أن الحامل مصابا بسكر الحمل إذا ما أجريت تحاليل الدم وجاءت طبيعية إنما توصف فى تلك الزحوال بالكاذب.



أما إذا انتهى سكر الحمل تماما بعد الولادة فيمكن وصفه بالطارئ لكن ذلك لا يعنى نسيان ما حدث بل يعنى الانتباه لما هو آتٍ.





هل من مضاعفات لسكر الحمل؟



التشخيص المبكر لسكر الحمل والرعاية الصحية الحاسمة وحالة الأم الصحية عامة عوامل تقى الكثير من الأمهات والمواليد أى خطورة محتملة. لكن ذلك لا يجعلنا ننسى احتمالات لمتاعب صحية قد تلحق بالأم وجنينها معا.



ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل، زيادة وزن الجنين، وفاة الجنين فى الشهور الأخيرة للحمل واحتمالات تشوهه أو تعرضه لمضاعفات انخفاظ مستوى السكر والكالسيوم كلها احتمالات قد تتعرض لها الأم والجنين لكن فى استباق الخطر احتمال القدرة على رده وربما كان الإعداد لولادة مبكرة (أسبوعين قبل الموعد المتوقع للولادة) فى حالات وجود خطر حقيقى قرار حكيم يلجأ إليه الأطباء.



سكر الحمل قد يبدو عرضا طارئا تتبدد هواجسه مع الفرص بقدوم الوليد لكن الواقع أن هناك احتمالات لتكرار الإصابة به مع كل ولادة قادمة أيضا احتمال أن يعلن عن نفسه فى صورة كاملة لمرض السكر من النوع الثانى بعد فترة من الوقت تتراوح بين خمسة وعشرة أعوام.



لذا على المرأة التى أصيبت بسكر الحمل أن تذكر أن فى إجراء تحليل السكر بصورة روتينية وثبات وزنها عند حد صحى وممارسة بعض من الأنشطة الرياضية وقاية من خطر قادم ونهاية لجمرات مشتعلة تحت الرماد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق